ما أنت إلاَّ إنسان تماثلنا في البشرية، فكيف أوحى إليك دوننا، فَأْتِ بحجة على صدقك فيما تدعيه من الرسالة عن الله، إن كنت فيما تدعيه من جملة الصادقين فيما يقولون.
قال صالح لقومه حينما أعطاه الله الناقة معجزة له: هذه ناقة الله أخرجها لكم آية، لها ماءُ يوم معلوم، ولكم ماءُ يوم معلوم، فإذا كان يوم مائِها فلا تشركوها فيه، وإذا كان يوم مائكم فلا تشرككم فيه.
وقد كانت تشرب الماء كله في يومها أول النهار، وتسقيهم من لبنها آخر النهار، أَما في يومهم فكانت تترك الماء كله لأنفسم ومواشيهم.
ولا تلحقوا بها أذى، فيهلككم عذاب يوم عظيم، ووصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه وهو أبلغ من وصف العذاب به.
وبعد هذا التحذير مكثت الناقة حينًا ترد الماء وتأكل من أوراق الشجر والعشب في يومها، وتمنحهم من لبنها ما يكفيهم شربًا وريًّا، دون أن تَعْدُوَ عليهم، ومكثوا هم مقتصرين على شربهم في يومهم، فلما طال عليهم الأَمد، ضاقوا بمنعهم عن الماء في يومها، فتمالئوا على عقرها.
١٥٧ - ﴿فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ﴾:
فذبحوا الناقة مخالفين بذلك ما اتفقوا عليه مع صالح ﵇ فأَصبحوا على ما فعلوا نادمين خوفًا من حلول العذاب بهم، لا توبة من ذنبهم، أو توبة منه عند معاينتهم لمبادئ العذاب، حيث لا ينفع المتاب.
فأهلكهم العذاب الذي كان نبيهم صالح قد توعدهم به إذا مسوها بسوءٍ، إن في قصتهم لدلالة على قدر الله على إهلاك الكافرين المعاندين لرسوله محمَّد ﷺ وما كان أكثر ثمود مؤمنين.