قالوا: لئن لم تنته يالوط عن توبيخنا وتقبيح أمرنا، أو عما أنت عليه من دعوى الرسالة ودعوتنا إلى الإيمان بها، وتترك ما أنكرته من أَمرنا، لتكونن من جملة من أخرجناهم من بين أظهرنا وطردناهم من بلدنا ونفيناهم، ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوأ حال، من تعنيف واحتباس مال، وغير ذلك مما يفعله الظالمون إذا نفوا بعض من يغضبون عليهم، كما كان أهل مكة يفعلون بمن يريد الهجرة إلى المدينة.
قال لوط ﵇ مخاطبًا قومه: إني لعملكم هذا من المبغضين غاية البغض، ولم يقل: إني لعملكم قال بالإفراد، للإيذان بأنه كان يوجد من كرام الناس من يبغض حالهم، ثم أعرض عنهم بعد أن بالغ في نهيهم ولجأ إلى الله تعالى قائلًا:
فاستجاب الله دعائه ونجاه وأَهله الذين اتبعوا دعوته بإِخراجهم من بيوتهم ليلا قبل حلول العذاب بالمكذبين، إلاَّ عجوزًا هي امرأَة لوط كانت في الغابرين، أي: مقدرًا كونها في الباقين في العذاب، لأنها كانت كافرة بربها، منافقة لزوجها، والتعبير عنها بالعجوز، للإشارة إلى أنها بقيت في الكفر إلى أن صارت عجوزًا.