للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ متعلق بالفعل: ﴿يُعْجِبُ﴾ أَي يعجبك - في الحياة الدنيا - قوله بفصاحته وحلاوته، فتنخدع بذلك وتعتقد فيه الصدق. أما في الآخرة فلا يستطيع التمويه والتضليل، إذ يظهر كذبه ويفضحه باطل دعواه.

ويجوز تعلقه بلفظ: ﴿قَوْلُهُ﴾ أي يعجبك ما يقوله في أُمور الدنيا وأَسباب المعاش، سواءٌ أَكانت عائدة إليه أَم لا.

فالمراد من ﴿الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾: ما به الحياة والتعيش.

أو يعجبك قوله في الدنيا وأنها فانية، وأنه ينبغي اتخاذها سفينة للآخرة:

بادخار الإيمان والعمل الصالح فيها.

وهذا المنافق، لا يكتفي بأَن يخدع الناس ويستولى على إعجاب المسلمين ببراعة حديثه، بل يفعل هذا.

﴿وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ﴾:

بأَن يدعي أن قلبه موافق لما نطق به لسانه، ويشهد الله على ذلك، مع أن ما في قلبه - الذي يشهد الله عليه - ليس إلا الحقد والعداوةُ للإسلام والمسلمين.

﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾:

أي وهو شديد في خصومته للرسول وأصحابه، كاذب فيما يتظاهر به من حب وولاءٍ. وهو - بذلك النفاق - أَبغض الناس إلى الله.

ففي حديث مسلم، عن النبي "إن أبغضَ الرجالِ إلى الله الأَلَد الخصم".

وذكر السدي: أن هذه الآية - وما تلاها - نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، حينما جاءَ إلى الرسول في المدينة، وأظهر له الإسلام، وقال: إنما جئت أُريد الإسلام. والله يعلم إني لصادق فيما أقول. وكان حلو الحديث. فأعجب النبي منه ذلك، فلما خرج من عنده، مرَّ بزرع لبعض المسلمين وحُمُرٍ، فأَحرق الزرع وعقر الحمر.