المعنى: وإذا نصحه الناصحون: باتقاء عقاب الله تعالى في أفعاله وأقواله، وفي عدم استغلال ذكائه وعلمه وبلاغته في التضليل والإفساد - أخذته الأنفة والكبرياءُ بما يوجب الإثم والتوغل فيه، فلجَّ في الضلال والعناد، لأَنه يرى نفسه فوق نصيحة الناصحين، ونقد الناقدين.
فهو في زمرة من قال الله - تعالى - فيهم "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ﴾ (١).
والباءُ في قوله: ﴿بِالْإِثْمِ﴾ على هذا، للسببية، يعني أن إثمه الماضي، كان سببا لأَخذ العزة له، واستيلاء الكبرياء عليه، مع وضوح الحق، وتنبيه الناصحين له، ولهذا قال سبحانه:
﴿فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾:
أي مهما أحرز من جاه وأموال، فكل هذا إلى زوال. ويكفيه ما سيحل به من عذاب، في نار جهنم يوم القيامة، فإن جهنم ستكون له فراشًا ممهدًا.
وإذا كان المهاد هو الفراش الممهد، ليستريح عليه الراقد، فاستعماله في جهنم للتهكم بمن يحُلُّ بها.
وجملة ﴿وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾: جواب قسم مقدر على معنى، والله لبئس المهاد: ﴿جَهَنَّم﴾.
قال بعض المفسرين: هذه الآية: تدل على أن من أكبر الذنوب عند الله: أن يجيب العبد من يقول له: اتق الله: فيقول له - معرضًا عن النصيحة - عليك نفسك.