أولًا: أن الموصول موضوع في اللغة لشخص معين بمضمون الصلة المعلومة عند المخاطب، وهذا هو سليمان ﵇.
ثانيًا: إحضار العرش في تلك اللحظة اللطيفة درجة عالية فلو حصلت لأَحد من أمته دونه لاقتضى تفضيله على سليمان، وهذا غير جائز.
ثالثا: لو افتقر سليمان في إحضاره إلى أحد من أُمته لاقتضى قصورَ حَاله في أَعين الناس.
رابعًا: وأَخبرا أن قوله ﵇: "هذا من فضل ربي" يقتضي أن ذلك الخارق قد أظهره الله بدعائه ﵇.
وسواءٌ أكان الذي عنده علم من الكتاب سليمان أَم غيره، فإحضار العرش على هذه الصورة مثل عال لقدرة الله - تعالى - أَظهره إمَّا معجزة لنبى، أَو كرامة لولي وهذا فضل الله يؤتيه من يشاءُ.
وقوله تعالى ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾: معناه؛ فلما رأى سليمان ﵇ العرش حاضرًا أمامه، قارًّا في موضعه حيث أراد، قال: هذا النصر والتمكين مما تفضل به عليَّ ربي ليتعبدنى ويختبرنى أَأَشكر نعمته علي أم أكفرها، ومن شكر فإِنما يشكر لنفسه؛ لأن نفع ذلك يعود عليه حيث استوجب بشكره تمام النعمة ودوامها والمزيد منها؛ قوله تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ والشكر قيد النعمة الوجودة، وصيد للنغمة المفقودة، ومن كفر فلم يشكر النعمة، وأَبطرته، فإن الله غنى عن شكره، كريم في تفضله على خلقه، يرزق البار والفاجر والشاكر والكافر، وحسابهم يوم تبلى السرائر.