للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليه وقالوا: ﴿لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى﴾ ثم كفروا به وبموسى، فكانوا على عكس قوم أجانب من أهل الكتاب، حيث آمنوا بما جاءَه من الحق، وقالوا: إنه الحق من ربنا، ثم صرحوا بتقادم إيمانهم به، وأشاروا بذلك إلى إيمانهم بنبيِّهم وبما جاء به أيضًا، وذلك فيما حكاه الله بقوله: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ إلى قوله ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ (١).

وقال ابن كثير: قد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم النبي .

قال الزهري: حدثني سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاةُ جاءه رسول الله فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمَيَّة ابن المغيرة، فقال رسول الله : "يا عم، قل: لَا إله إلاَّ الله، كلمة أحَاجُّ لك بها عند الله" فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمَيَّة: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله يعرضها عليه -، وَيَعُودان له بتلك المقالة، حتى كان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلاَّ الله، فقال رسول الله : "لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عن ذلك"، فأنزل الله - تعالى -: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ (٢). وأُنزل في أبي طالب: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ وخالف في ذلك الشيعة، وقالوا بإيمانه، وادعوا إجماع أئمة أهل البيت على ذلك.


(١) سورة القصص، الآيتان: ٥٢، ٥٣.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١١٣.