للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: فهدى الله الذين آمنوا وصدقوا بقلوبهم - في كل الأديان - للحق الذي اختلف فيه هؤلاء المختلفون، وأعرضوا عن خلافهم، ولم يعبأوا بهم، وأقاموا على طاعة مولاهم.

وقيل: المراد من ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أُمة محمد : هداهم الله لما اختلف فيه أهل الكتاب من الحق، بإذنه تعالى وتيسيره، فعرفوه.

ومن ذلك: هدايتهم إلى تنزيهه - تعالى - عن الصاحبة والولد، وأن إبراهيم كان حنيفًا مسلمًا، وما كان يهوديًا ولا نصرانيًا ولا مشركًا، وأن مريم سيدة شريفة، وليست كما وصفها اليهود، وأن عيسى رسول الله، خلافًا لما زعم اليهود من نفي رسالته، ولما زعم النصارى من أنه ابن الله .. إلى غير ذلك.

وفي هذا يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (١).

وإذا كان المسلمون اليوم، قد تفرقوا كما تفرقت الأُمم السابقة، وانقسموا إلى طوائف ومذاهب: بعضها يخالف الحق، فإن الله يقيض لهذا الدين - دائمًا - من يظهر الحق وينصره، ويزهق الباطل ويخذله، استنادًا إلى كتاب الله - تعالى - المحفوظ بعنايته من التحريف والتبديل.

وروى ابن ماجة، عن أبي هريرة، عن النبي : "لا تزال طائفةٌ من أُمتي قوّامةً على أمر الله لا يَضُرُّها مَنْ خالفها".

ورى الحاكم عن عمر عن النبي : "لاتزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق حتى تقومَ الساعة".

فالله اللطيف بعباده: يرسل إليهم الرسل، ويُنْزِل عليهم الكتب السماوية، ويمدهم بالعلماء العاملين المرشدين المصلحين، ليردوا الطوائف الضالة إلى الصواب، وليُظْهِرُوا زَيْفَ الباطل، وليقوِّموا ما حرَّفه المضلون، من آيات الله البينات. ولذا قال الله تعالى في ختام الآية: ﴿وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾.


(١) النمل: ٧٦