للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال - تعالى -: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ (١). ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ﴾ (٢).

ولقد ذكر العلماء والمحدثون في تعليل ذلك أن السمع أول الحواس يؤدي وظيفته في الدنيا، وهو أداة الاستدعاء في الآخرة، ولأن الأُذن لا تنام فالسمع أسبق وأنفع وأدوم، وللعلامة الآلوسي تعليق مطول على الآيتين في الجزء السابع ص ١٠٧ وما بعدها فليرجع إليه من أراد التوسع.

٧٣ - ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾:

أي: وبسبب رحمته بكم خلق لكم الليل والنهار لتسكنوا في الليل وتستريحوا من عناء الأعمال وأعباءِ الحياة وأثقال المعيشة، ولتطلبوا الرزق الحلال بالنهار بالأَسفار والترحال والضرب في الأرض، ولتدركوا فضل الله عليكم فتشكروه بأنواع العبادات في الليل والنهار، ومن فاته شيءٌ بالليل استدركه بالنهار، أو بالنهار استدركه بالليل كما قال - تعالى -: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ (٣).

٧٤ - ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾:

المعنى: واذكر كذلك - أيها الرسول - يوم يُنادَى المشركون من جانب الله فيقال لهم: أين الشركاء الذين زعمتموهم آلهة ينصرونكم أو شفعاءَ يشفعون لكم؟

وهو تقريع إثر تقريع، للإِشعار بأنه لا شيء أَجلب لغضب الله - تعالى - من الإشراك، كما لا شيء أدخل في مرضاته من توحيده ﷿.

يقول القرطبي: ينادى الله المشركين مرة فيقول لهم: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ فيدعون الأصنام فلا تستجيب فتظهر حيرتهم وخيرتهم، ثم ينادَون مرة أخرى على رؤُوس الأشهاد فيسكتون، وهو توبيخ وزيادة خزى.


(١) سورة الإسراء الآية: ٣٦
(٢) المؤمنون، الآية: ٧٨.
(٣) سورة الفرقان، الآية: ٦٢