للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صبروا لهذا الامتحان يعلمهم علمًا تنجيزيًا، بعد أن علمهم قبل أن يكونوا، وليعلمن الكاذبين في إيمانهم كذلك، فيجزى كلًّا جزاءه الذي يناسب حاله (١).

٤ - ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾:

هذه الآية انتقال من إنكار حسبان الناس أن يتركوا لمجرد الإيمان دون أن يفتننوا.

إلى إنكار حسبان الذين يعملون السيئات أن لا نجازيهم على سيئاتهم وهو أبطل من الحسبان الأَول، وقد عمم بعضهم فحمل السيئات على الكفر والمعاصي. وتكون الآية على هذا في المشركين وعصاة المؤمنين، وهم وإن لم يحسبوا أن يفوتوه - تعالى - ولم تطمع نفوسهم في ذلك لكن نُزِّل جريهم على غير موجب العلم بالجزاءِ من الغفلة وإصرارهم على المعاصي منزلة من لم يتيقن الجزاء.

والمفهوم من السياق، ومن سبب النزول: أن الحسبان الأول كان من المؤمنين، وهذا الحسبان من الكافرين، وبهذا أخذ ابن عباس . فقد روى أنه قال: يريد - سبحانه - بالذين يعملون السيئات الوليد بن المغيرة، وأبا جهل، والأسود، والعاص ابن هشام، وشيبة وعتبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة، وعقبة بن أبي معيط. وحنظلة ابن وائل، وأنظارهم من صناديد قريش.

وهذا لا يمنع أن الآية تعم جميع من يعمل السيئات؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

والمعنى الإجمالي للآية: أظنَّ الذين يرتكبون السيئات من الكفر والمعاصي أن يفوتونا، ويهربوا من حسابنا فلا نقدر على مجازاتهم بمساوئ أعمالهم، لقد ظنوا كذبا، وحسبوا باطلا، وحكموا فاسدًا ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾: أي بئس الحكم الذي يحكمونه هذا الحكم.


(١) روى عن النبي أنه قال: "قد كان من كان قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظم من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه".