العبادات - تكميلًا من حيث العمل بعد تكميله من حيث الاعتقاد - فقال مُستَمِيلًا له: يا بُنَيَّ أقم الصلاة بأركانها وشروطها في مواقيتها، تكميلًا لنفسك، وأمر غيرك بما عرف حسنه شرعًا وعرفًا، وانْهَهُ عن القبيح والمنكر تكميلًا له.
والمعروف: ما حسَّنه الشَّارع وأَمر به، والمنكر: ما أنكره الشارع وقبَّحه ونهي عنه. والظاهر أنه أمره بكل معروف ونهاه عن كل منكر، وخص بعضهم المعروف بالتوحيد، والمنكر بالشرك. ثم قال له: واصبر على ما أصابك من الشدائد والمحن في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن الصَّبر على ما أصابك وعلى سائر ما أُمرت به من عزم الأمور، أي: مما عزمه الله - تعالى - وأمر به أمر إيجاب وإلزام، فلزم قَبُولُه والعمل به والحرص عليه، وهذا تعليل لوجوب الامتثال لما سبق من الأمر والنهي.
ولا تستكبر على الناس، بل ألِن جانبك لهم، وأقبل عليهم متواضعًا، ولا تُوَلِّهم شِقَّ وجهك وصفحته كما يفعله المتكبِّرون إعجابًا بأنفسهم لأن الله لا يحب كل مختال فخور وأصل الصَّعَر: داءٌ يَعتري البعير فيلوى منه عنقه، ويستعار للكبر، ولا تمش في الأرض مرحًا وبطرًا كما يمشي المختالون المتكبرون؛ لأن الله - سبحانه - لا يُحبُّ كل مختال فخور. والمختال: المتكبِّر، وهو مأخوذ من الخيلاء وهو التَّبَختر في المشي كِبرًا، والفخور: كثير الفخر، وهو المباهاة، ويدخل في ذلك تعداد الشخص ما أعطاه لغيره، والتعبير بفخور وهي من صيغ المبالغة، ولأن ما يقبح من الفخر كثيرة فإن القليل منه معفو عنه لابتلاء الناس به، فلطف الله - تعالى - بالعفو عنه، وهذا كما لطف بإباحة اختيال المجاهدين بين الصَّفَّين، وبإباحة الفخر بنحو المال لقصد حسن كالتحدث بنعمة الله.
بعد النهي عن المرح في المشي أمر - سبحانه - بالتوسط فيه بين البطء والإسراع في تواضع، وذلك أليق بالمسلم، وأبعث على الهيبة والوقار، فقال: واقصد في مشيك، من