القصد: وهو الاعتدال، أَي: لا تَدِب دبيب المُتَمَاوتين ولا تثِب وثْبَ الشُّطَّار. قال ابن مسعود: كانوا يُنهَون عن خَبَب اليهود ودبيب النَّصَارى، ولكن مشيا بين ذلك، أما قول عائشة تصف عمر: كان إذا قال أسْمَع، وإذا ضرب أوجع، وإذا أطعم أَشبع، وإذا مشى أسرع، فالمراد بالإسراع التوسُّط، وما فوق دبيب التَّمَاوُت، وكذلك ما ورد من صفته ﵊:"إذا مشى كأنما ينحط من صَبَب"(١) فالمقصود به نشاطه ﵊ وقُوَّتُه، لا الإسراع، لنهيه ﵊ عنه حيث قال:"سرعة المشى تُذهِب بهاء المؤمن".
واخفض من صوتك وانقص منه واجعله قصدًا، ولا ترفعه إذا تكلَّمت، فذلك أوقر للمتكلم، وأَبسط لنفس السامع وفهمه، إن أقبح ما يُستنكَر من الأصوات ويُستَكرَه: لصوت الحمير، والجملة تعليل للأمر بالغضِّ من الصوت على أبلغ وجه وآكده، حيث مثل حال الرَّافِعِين أصواتهم بحال الحمير في نهاقهم، وفي ذلك من المبالغة في الذَّمَّ والتَّهجين والتَّثبِيط عن رفع الصوت والتَّرغيب عنه ما فيه، ولقد رد الله ﷾ بهذا على المشركين الذين كانوا يتفاخرون بِجَهَارة الصوت ورفعه، مع أن ذلك يؤذى السَّامع؛ إذ يَقرع الصَّمَاخ بقوة، وربما يخرق الغشاء الذي هو داخل الأُذن.