ومن ذلك قولهم: إنه لو كان الخلع طلاقًا لكان بعد ذكر الطلقتين ثالثًا، وكان قوله بعد الخلع: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ دالًا على الطلاق الرابع، فيكون التحريم بعد أربع طلقات، ولا قائل به، إلى آخر ما قالوا.
ويترتب على هذا الخلاف: أن من طلق زوجته تطليقتين، ثم خالعها، ثم أراد أني يتزوجها، فله ذلك عند ابن عباس ومن يرى رأيه، لأنه لم يقع منه سوى تطليقتين، والخلع لغو. ومن جعله طلاقًا لم يُجِز له أن يرتجعها حتى تنكح زوجًا غيره.
وعلى القول بأنه طلقة بائنة: يجوز للزوج أن يعود بعده لزوجته، إذا لم يسبقه طلقتان: بأن لم يسبقه طلاق أصلًا، أو سبقه طلقة واحدة.
ولكنه لا يعود إليه، إلا بعقد ومهر جديدين.
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾:
أي تلك الأحكام التي مضت: ما حدَّه الله وشرعه من الأحكام، فلا تتجاوزوها بالمخالفة.
أي ومن يترك أحكام الله التي شرعها وبينها لعباده، فإنه ظالم لنفسه وغيره، متبه لهواه. والظالم يستحق عقاب الظالمين المعتدين.
وفي هذا بلاغ لمن يجادلون، مدعين ظلم الأُسرة: مطالبين بتعديل حدود الله تبعًا لأهوائهم، أو تطبيقًا للمباديء الزائفة، التي استجلبوها من غير البيئة الإسلامية، باسم المدنية والحضارة. ونسوا أن الذي شرع هذه الأحكام، وحدد هذه الحقوق، هو رب العالمين: خالق الأًسرة: العليم بمصالحها، وأنه أَرأَف بها من هؤلاء الذين يدعون الإشفاق عليها، وهم إنما يريدون بذلك الوصول إلى زعامات كاذبة، وأغراض هدامة.