للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقدم الحديث عن قصة نوح لسبقه المذكورين جميعًا. ومعنى الآية: أن نوحا : نادى ربه نداء استغاثة متضمنا الدعاء على كفار قومه، وسؤال النجاة، وطلب النصرة، حين أَيس من إيمانهم بعد أن دعاهم أحقابًا ودهورًا، فقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا فلم يؤمن معه إلا القليل،، وكان كلما دعاهم ازدادوا نفرة وتكذيبًا ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠)(١) فغضب الله لغضبه عليهم، ولهذا قال: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥)﴾ أي: فوالله لنعم المجيبون نحن حيث أجبناه أحسن إجابة، ونصرناه على أعدائه، فانتقمنا منهم بأبلغ ما يكون، وفيه من تعظيم الإجابة ما فيه.

وأخرج ابن مردويه: عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: كان النبي إذا صلى في بيتي فمرَّ بهذه الآية ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥)﴾ قال: صدقت ربنا أَنت أَقرب من دُعي، وأقرب من بُغى فنعم المدعو، ونعم المعطى، ونعم المسئول ونعم المولى أنت ربنا، ونعم النصير.

٧٦ - ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾:

أي: ونجينا نوحًا وأهله وهم من آمن معه وأولاده - نجيناهم - من الغرق، والغمُّ الشديد.

٧٧ - ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾:

أَي: ضمنا لذريته وحدهم البقاء، فجميع البشر بعده من أحفاده. ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ (٢).

قال ابن عباس: لما خرج نوح من السفينة مات من معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءه فذلك قوله: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)﴾.

وقال سعيد بن المسيب: كان ولد نوح ثلاثة والناس كلهم من ولده.

فسام أبو العرب، وفارس، والروم، واليهود، والنصارى.

وحام: أبو السودان من المشرق إلى المغرب، والسند، والهند، والزنج، والحبشة، والبربر وغيرهم.


(١) سورة القمر، آية: ١٠.
(٢) سورة نوح، من الآية: ٢٦.