للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويافث: أبو الترك، ويأْجوج، والصقالبة.

والأكثر على أن الناس كلهم في مشارق الأرض ومغاربها من ذرية نوح ولذا قيل له: آدم الثاني، واستدل على ذلك بهذه الآية.

وقال قوم: كان لغير ولد نوح - أيضًا - نسل بدليل قوله - تعالى -: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ﴾ (١).

وقوله: ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ﴾ (٢) فعلى هذا يكون معنى الآية: وجعلنا ذريته هم الباقين دون ذرية من كفر، فإنا أَغرقنا أَولئك، ذكر ذلك القرطبي، والراجح الأول لحصر البقاء في ذريته صراحة في قوله - تعالي -: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)﴾.

٧٨ - ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ﴾:

أي: تركنا عليه ثناءً حسنًا في الباقين من الأُمم إلى نهاية الدهر. وهذا الثناء أشار إليه قوله: - تعالى -:

٧٩ - ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾:

هذا الكلام وارد على الحكاية، وهو محكي بِتَرَك من قوله (وتركنا .. ) في موضع نصب بها على ما قاله الفراء وغيره من الكوفيين، أي تركنا عليه هذا الكلام بمعناه، والمراد أَبقينا له دعاء الناس وتسليمهم عليه أُمة بعد أُمة إلى أَن يرث الله الأرض ومن عليها، وقيل: هذا سلام من الله ﷿ لا من الآخرين، ومفعول تركنا مقدر، أَي: تركنا عليه الثناء الحسن وأبقيناه له فيمن بعده إلى آخر الدهر، وجملة ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ﴾ مفعول لقول مقدر على ما ذكر الخفاجي، أي: وقلنا: سلام إلى آخره ﴿فِي الْعَالَمِينَ﴾: من تتمة الجملة السابقة. جيء به للدلالة على الاعتناء التام بثبات هذا الدعاء واستمرار هذه التحية أبدًا في العالمين، من الملائكة والثقلين جميعًا.


(١) الإسراء، من الآية: ٣.
(٢) سورة هود، من الآية: ٤٨.