ويونس ﵇ هو يونس بن متَّى، قيل: إِنه نُبِّئَ وهو ابن ثمان وعشرين سنة، وحكى في البحر أَنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس.
وقال الآلوسي:"يروى أَنه أَوعد قومه العذاب، وأَخبرهم أَنه ينزل بهم إِلى ثلاثة أَيام فلما كان اليوم الثالث خرج يونس قبل أَن ينزل العذاب بهم، فعجُّوا إِلى الله وأَنابوا واستقالوا فأقالهم الله - تعالى - وصرف عنهم العذاب، فلمَّا لم ير يونس نزول العذاب استحيى أَن يرجع إِليهم وقال: لا أَرجع إِليهم كذَّابًا أَبدًا، ومضى على وجهه، فأَتى سفينة فركبها، فلما وصلت اللجّة وقفت فلم تسر، فقال صاحبها: ما يمنعها أَن تسير إلاَّ أَنَّ فيكم رجلًا مشئومًا فاقترعوا ليلقوا من وقعت عليه القرعة في الماء، فوقعت على يونس، ثم أَعادوها فوقعت عليه، ثم أَعادوها فوقعت عليه، فلما رأَى ذلك رمى بنفسه في الماء".
ومعنى الآيات: وإِن يونس ﵇ لمن جماعة المرسلين، فاذكر يا رسول الله قصته وخبره إِذ هرب قبل أَن يأْذن له ربُّه إِلى الفُلْك المملوء بالراكبين المزحوم بكثرتهم فرارًا من العذاب الذي أُخبر بنزوله على قومه.
وعبَّر عن خروجه بالإِباق مع أَن الإِباق لا يكون إِلاَّ في هرب العبد من سيّده، لأَنه خرج قبل أَن يأْذن الله له بالخروج فاعتبر إباقًا كإباق العبد من سيِّده، وحسّنه أن كل مخلوق عبد الله تعالى.
وقوله - تعالى -: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ معناه: فقارع مع من كانوا معه في السفينة ليلقوا من تصيبه القرعة في الماء فأَصابته القرعة، وكرروا ذلك ثلاثًا فلم تخطئه فكان من المدحضين بالقرعة المغلوبين فيها، فلما رأَى ذلك رمى بنفسه في اليم، فتلقاه الحوت وابتلعه، وهو آتٍ بما يلام عليه مستحق لذلك.
أَي: فلولا أَن يونس ﵇ كان من الذاكرين الله كثيرًا الذين ديدنهُم التسبيح يعيشون فيه ويدومون عليه طوال حياتهم لا ينقطعون عن ذلك ولا يفترون لمكث في بطن الحوت حيًّا إلى يوم يبعثون: يوم القيامة.