للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمراد بالوالدات في الآية: جميعهن، سواءٌ كن زوجات لآباءِ أولادهن الرضعاء، أو كن مطلقات منهم.

وحتى لا يختلف الوالدان في مدة الرضاعة، بأن يريد الأب أن يقصر مدتها، حتى لا يمتد دفعة أجر الرضاعة، أو تعمل الأُم على إطالتها، انتفاعًا بأجر أكثر - حدَّد الله مدة الرضاع اللازمة للطفل، بقوله تعالى: ﴿حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنٍ﴾: سنتين كاملتين بالتقويم القمري: شأن ما فيه حكم زمني من شئون الإسلام.

فمدة الرضاع: حولان كاملان تامان: ينفصل بهما النزاع.

ذلك التوقيت بالحولين ﴿لِمَنْ أَرَ ادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ والمقصود بمن أراد أن يتم الرضاعة: والد الطفل. فهو المكلف بالإرضاع. والأُم ترضع له. فاللام في قوله: ﴿لِمَنْ أَرَادَ﴾ لبيان من تَوَجه إليه الحكم، وهو الأب.

قال الشافعي: لا يلزم الإرضاع إلا والدًا أَو جدًّا وإن علا.

وسيأتي مزيد بيان لذلك في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾.

وكون الإرضاع واجبًا على الأب أو الجد، لا ينافي أن يندب للأُمهات إرضاع أولادهن. وقد يجب عليهن، عند فقد المراضع أو وجودهن بأجر لا يطيقه الأب، أو امتناع الرضيع عن الرضاع من غير أمه كما تقدم.

وقد دل قوله: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ على أن إرضاع الحولين ليس حتمًا، وأنه يجوز الفطام قبل الحولين، ولكنه - كما قلنا - تحديد لقطع النزاع بين الزوجين في مدة الرضاع. فلا يجب على الأب إعطاءُ الأُجرة لأكثر من حولين، ما لم تكن حالة الطفل الصحية: تقتضي ضرورة الزيادة في الرضاع عليهما، فيجب عليه إعطاؤُها.

وإذا أَراد الأب الفطم قبل تمام الحولين، ولم ترض الأُمّ - لم يكن له ذلك.

ويجب أن تكون مصلحة الصبي مقدمة على كل اعتبار.