ردا عليهم. أي: قل إني أخاف ترك الإخلاص والميل إلى ما أنتم عليه من الشرك، أو الميل إلى أي شيءٍ من المعاصي؛ لأني أخاف (عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) وهو يوم القيامة، ووصفه بالعظمة لعظمة ما فيه من الدواهي والأَهوال. والمقصود تهديدهم والتعريض لهم بأَنه ﵊ مع عظمته لو عصى الله - تعالى - ما أمن العذاب فكيف بهم.
أي قل لهم: أعبد الله لا غيره - سبحانه - لا استقلالا ولا اشتراكا، مخلصًا له دينى عن الشرك الظاهر والخفى، أو مخلصا له دينى بعبادته - سبحانه - لذاته من غير طلب شيء منه - تعالى - كقول رابعة: سبحانك ما عبدتك خوفًا من عقابك ولا رجاء ثوابك.
أُمر ﵊ أولًا ببيان كونه مأْمورا بعبادة الله - تعالى - بإخلاص الدين له، ثم الإِخبار بخوفه من العذاب على تقدير عصيانه. ثم الإِخبار بامتثاله الأَمر على أبلغ وجه وآكده إظهارا لتصلبه ﷺ في الدين، وحسما لأَطماعهم الفارغة في الرجوع إلى دينهم، وتمهيدا لتهديدهم بقوله ﷿:
بدأت الآية بأمر تهديد ووعيد وتوبيخ: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ أي: فاعبدوا ما شئتم أن تعبدوه من دون الله، وفيه من الدلالة على شدة الغضب عليهم ما لا يخفى كأَنهم لما لم ينتهوا عما نهوا عنه أمروا به كى يحل بهم العقاب.
أي: قل لهم أيها الرسول: إن الخاسرين الكاملين في الخسران الجامعين لوجوهه وأسبابه الذي هو عبارة عن إضاعة ما يهمهم، وإتلاف ما لا بد منه هم الذين خسروا أنفسهم وأَهليهم باختيارم الكفر لهما فأضاعوهما وأتلفوهما يوم القيامة حين يدخلون النار، حيث عرضوهما للعذاب السرمدي، وأوقعوهما في هلكة ما بعدها هلكة، والمراد بالأهل الأَتباع الذين أضلوهم وقد خسروهم كما خسروا أنفسهم، وقيل المراد بالأهل: من أعده الله - تعالى - لمن