الثاني: الاختصاص الذي تُشعر به الإضافة إلى ضميره - تعالى - فإن السيد من شأنه أن يرحم عبده ويشفق عليه.
الثالث: إضافة الرحمة إلى الاسم الجليل المحتوى على جميع معاني الأسماء على طريق الالتفات فإن ذلك ظاهر في سعتها، وهو ظاهر في شمولها التائب وغيره.
الرابع: وضع الاسم الجليل في موضع الضمير لإشعاره بأن المغفرة من مقتضيات ذاته لا شئ آخر من توبة وغيرها.
الخامس: تعريف الذنوب فإنه في مقام التمدح ظاهر في الاستغراق فشمل الذنب الذي تعقبه التوبة والذي لا تعقبه التوبة.
السادس: التأكيد بلفظ (جميعًا).
السابع: التعبير بالغفور فإنه صيغة مبالغة وهي إن كانت باعتبار الكم شملت المغفرة جميع الذنوب، أو باعتبار الكيف شملت الكبائر بدون توبة.
الثامن: حذف معمول الغفور فإن حذف المعمول يفيد العموم، إلى غير ذلك مما قالوه.
وقال آخرون: إنها وردت في غير موضع من القرآن الكريم مُقَيَّدَة بالتوبة، فإطلاقها هنا يحمل على التقييد بها، لأن المطلق يحمل على المقيد ما لم ينسخ، ولا نسخ في عقاب المؤمن المذنب، وأيدوا ذلك بقوله تعالى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ فإنه عطف على ﴿لَا تَقْنَطُوا﴾ كأنه قيل: لا تقنطوا من رحمة الله فتظنوا أنه لا يقبل توبتكم وأنيبوا إليه - تعالى - وأخلصوا له ﷿.
وقال بعض أجلة المحققين: إن قوله: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا﴾ خطاب للكافرين والعاصين وإن كان المقصود الأول: الكفار لمكان القرب وسبب النزول.
فقد أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال: إن أهل مكة قالوا: يزعم محمَّد أنه من عبد الأوثان، ودعا مع الله إلهًا آخر، وقتل النَّفس التي حرم الله، لم يُغْفَرْ له، فكيف نُهَاجر ونسلم؟ وقد عبدنا الآلهة وقتلنا النفس ونحن أهل شرك؟ فأنزل الله - تعالى - ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ … الآية﴾.