أي: واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم وهو القرآن، أو العزائم دون الرخص، وقال ابن زيد: يعني المحكمات وكِلُوا المتشابه إلى علمه.
ولعل الأحسن ما هو أنجى وأسلم كالإنابة والمواظبة على الطاعة من قبل أن يجيئكم العذاب فجأة وعلى غير استعداد، وأنتم لا تشعرون، أي: لا تعلمون أصلًا بمجيئه فتتداركون ما يدفعه عنكم.
أي: أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له، واتبعوا أحسن ما أُنزل إليكم من ربكم كراهة أن تقول نفس آثمة مذنبة: يا ندامتى ويا حسرتي وأسفى على ما ضيعت وتصرف في جنب الله أي: في حق الله - تعالى - حال أن كنت من المستهزئين بكتابه ودينه ورسله.
قال الراغب: أصل الجنب الجارحة، ثم استعير للناحية والجهة - والمراد هنا: الجهة مجازًا، والكلام على تقدير مضاف أي: في جنب طاعة - الله أو في حقه - تعالى - أي: ما يحق له - سبحانه - ويلزم وهو طاعته - عز رجل - والتفريط في جهة الطاعة كناية عن التفريط في الطاعة نفسها؛ لأن من ضيع جهة ضيع ما فيها بطريق الأولى.
وتنكير (نفس) في قوله تعالى: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ﴾ للتكثير بقرينة المقام، ويجوز أن يكون تنكيرها للتبغيض؛ لأن القائل بعض الأنفس، واستظهره أبو حيان.
أو تقول تلك النفس المذنبة: لو أن الله هداني بالإرشاد والدلائل المؤصلة، لكنت من الذين وقوا أنفسهم من عذاب الله وعقابه بالإيمان والعمل الصالح، وفسر أبو حيان الهداية بخلق الاهتداء.
أو تقول تلك النفس المذنبة حين تشاهد العذاب وتعاين أهواله وشدائده: ليت لي رجعة إلى الحياة الدنيا فأكون من المحسنين في العقيدة والعمل، المؤمنين العاملين بما نزل، وهكذا