للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بهذا الأسلوب الاستفهامي البليغ، يدفعنا الله - تعالى - دفعًا إلى المشاركة بالمال، في الإعداد للقتال: إعدادًا نرهب به عدو الله وعدو دينه، لتكون كلمة الله دائمًا هي العليا.

وقد صورت الآية إعطاءَ الباذل ماله في سبيل الله: يبتغي ثوابه، بصورة تقديم قرض إلى مقترض، للإيذان بأن ثوابه محقق، ولازم لزوم أداءِ الدين ..

وفي الآية: لطف من الله بعباده، وتوثيق لثوابه، وأنه لازم الأداء: تفضلًا منه وتحقيقًا لوعده الذي لا يتخلف، حيث جعل نعمته التي أنعم بها على عباده - إذا أنفقوا في سبيل الله - كأَنها قرض يقدمونه له - سبحانه - مباشرة، مع أنه غني عن عباده، فهو الذي يقول: ﴿وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ (١).

والمراد يكون القرض حسنًا: أن يكون الغرض منه وجهَ الله، لا الرياء والسمعة، وأن يكون حلالًا طيبًا. ومع أن القرض مع الناس يؤَدي بمثله، فإنه - تعالى - بيّن لعباده أن القرضَ معهَ يؤدي مضاعفًا، إذ قال:

﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾: عوضًا عن هذا القرض الذي قدموه خالصًا لله. وتلك المضاعفة، تكون في وقت تشتد فيه حاجتهم إلى هذا الربح الوفير، وهو يوم القيامة.

وقد بيَّن الله هذه المضاعفة في أواخر السورة إذ يقول: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (٢).

﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾:

أي يضيِّق الرزق على بعض، ويوسعه على بعض، أو يضيقه تارة، ويوسعه أُخرى، حسبما تقتضيه الحكمة.

وإذا علمتم أنه - تعالى - واهب الأرزاق، يوسعها ويضيقها كما يشاءُ، وأن ما عندكم هو من بسطه وعطائه، فأنفقوا مما وسع عليكم، ولا تبخلوا بما هو من فضله، فإنه مجازيكم على إنفاقكم جزاءً مضاعفًا، حسبما وعدكم.


(١) محمد: ٣٨
(٢) البقرة: ١٦١