والصيام، والحج، والتقرب إلى الله بصالح الأعمال، والوفاء بالعهد، وأَداء الأَمانات، وصلة الرحم، وتحريم الكبر والزنى والإيذاء للخلق، والاعتداء على الحيوان، واقتحام الدناءَات، وما ينافى المروءَات، ونحو ذلك من الكمالات فهذا كله مشروع دينا واحد، وملة متحدة، لم يختلف علي ألسنة الأنبياء في الأصل ولا في الصورة، فأقيموا هذا الدين ولا تتفرقوا فيه، واجعلوه قائما مستمرا من غير خلاف فيه، لا اضطراب. (الآلوسي بتصرف).
والذي ينبغي اعتباره - ولا مجال للشك فيه - أن رسالات الأنبياء جميعًا متفقة في أُصول العقائد ومطلق العبادات، والأمر بإتيان الفضائل، واجتناب الرذائل. وقد تختلف في الفروع أو في بعضها تبعًا لتقادم الأَزمان، ولمقتضيات الأطوار، وتطور أحوال الإنسان، كما تختلف في أسلوب الأَداء في رسالة عن رسالة أُخرى.
وقوله - تعالى -: (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) معناه: شق على المشركين وعظم في نفوسهم ما تدعوهم إليه من توحيد الله - تعالى - ورفض عبادة الأصنام، وضاقوا بدعوتك ولجوا في عنادك تقليدا لآبائهم.
وقوله - تعالى -: (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) فيه تسلية - للنبي ﷺ يمحو القلق من نفسه، ويضفى على قلبه الراحة والاطمئنان إذا علم أن قلوب العباد ونواصيهم بيده ﷾ يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب.
والمعنى: الله ﵎ يصطفى إليه من يشاء من عباده الباحثين عن الحق ويهديه إلى الاستجابة ويرشده إلى التوحيد والطاعة، ويختاره لحظيرة أُنسه، ودار قدسه، ويهدى بالإرشاد والتوفيق من يترك المعاصي ويقبل عليه، ويرجع إليه، فلا تبال يا رسول الله بخلاف من خالفك، ولا يشق ذلك على نفسك.