وإزهاقه، وتأْكيد الحق وإحقاقه كما ينطق بذلك قوله - تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ (١).
والمعنى: ومن سنن الله - تعالى - أنه يمحو الباطل بقدرته وحكمته، ويثبت الحق ويحققه ببرهانه وآياته.
ويجوز أن يكون الكلام مسوقا مسوق الوعد والبشارة للرسول ﷺ بأنه - تعالى - يمحو الباطل من البهتان والتكذيب، ويثبت الحق الذي هو عليه بالقرآن أو بقضائه الذي لا مردّ له بنصرته عليهم.
(إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) أي: إنه مطلع على دخائل القلوب بصير بحقائقها، لا تخفى عليه خافية من أُمورها ثم يجرى عليها أحكامه المناسبة لأَحوالها.
لوّحت الآيات السابقة بالوعيد لمن غوى وضل سبيل الهدى واتبع الهوى فابتدع شرعًا لم يأذن به الله أو ادعى افتراءً على الله، وجاءَت هذه الآيات تهبّ بنسائم الرحمة وتفتح مغاليق الخير والبرّ، حتى لا ييئس عاص من رحمة الله، ولا ينقطع طمع مذنب من رجاء الله، فقال - تعالى -: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ … ﴾ الآية:
والمعنى: وهو الله - تعالى - الذي يتفضل بواسع فضله ووافر برّه ورحمته بقبول التوبة عن عباده يتجاوز عما تابوا عنه وأقلعوا عن فعله في ندم وحسرة، فإن التوبة الصادقة هي الرجوع عن المعاصي والندم عليها، والعزم على عدم معاودتها أبدا، روى جابر ﵁ أن أعرابيا دخل مسجد رسول الله ﷺ وقال: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، وكبر فلما فرغ من صلاته قال له على ﵁: "يا هذا، إن سرعة اللسان