للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا تصح عبادتهم من دون الله؛ لأنهم مخلوقون لله، ولا فرق بين المخلوقين توالدًا وإبداعًا في عدم الصلاح للمعبودية.

أي: لو نشاءُ - لقدرتنا على عجائب الأُمور وبدائع الفطر - لجعلنا بدلا منكم ملائكة مستقرين في الأرض كما جعلناهم مستقرين في السماء، أو لجعلنا بدلكم ملائكة يخلف بعضهم بعضًا أو يخلفونكم في عمارة الأرض.

٦١ - ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾: الضمير في ﴿إِنَّهُ﴾ لعيسى لأن السياق في ذكره، أي: بنزوله يعلم قرب مجيئها؛ لأنه شَرَطٌ من أشراطها، واعتباره عِلْمًا لها على المجاز بتسمية ما يعلم به علمًا، قال ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدى وقتادة: إنه خروج عيسى وذلك من أعلام الساعة؛ لأن الله ينزله قبل قيامها، ويؤيد ذلك القراءة الأخرى وإنه لَعَلَمٌ للساعة - بفتحتين - أي: أمارة ودليل على وقوعها، وقد تواترت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله أنه أخبر بنزول عيسى قبل يوم القيامة إمامًا عادلًا وحكمًا مقسطًا فقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "لينزلن ابن مريم حكمًا عدلًا، فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير … " إلخ، إلى غير ذلك من الأحاديث المذكورة في كتب الصححاح (١) ﴿فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا﴾ أي: فلا تشُكُّن في وقوعها، وقال السدى: فلا تكذبون بها ولا تجادلون فيها فإنها كائنة لا محالة ﴿وَاتَّبِعُونِ﴾ أي: واتبعوا أيها المجادلون هداى أو شرعى أو رسولي. وقيل: هو قول رسول الله على تقدير (قل) أي: قل لهم: اتبعون في التوحيد وفيما أُبلغكم به عن الله ﴿هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ أي: هذا الذي أدعوكم إليه طريق قويم يوصل إلى الجنة.

٦٢ - ﴿وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾:

أي: ولا يَحُولَنَّ الشيطان بينكم وبين اتباعى لأنه عدو لكم بيّن العداوة حيث أخرج أباكم من الجنة، ونزع عنه وعن زوجته لباسهما، وعرَّضكم للمحن والبلايا.


(١) وقيل: معناه: أنه بحدوثه من غير أب، أو بإحيائه الموتى دليل على صحة البعث الذي هو معظم ما ينكره الكفرة.