للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ﴾:

أي منهم من فضله الله بتكليمه مباشرة ودون وسيط مثل: موسى ومثل محمد - صلوات الله وسلامه عليه - ليلة الإسراء والمعراج، كما سيرد في تفسير أول سورة الإسراء. ومنهم من كلمه بغير ذلك كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ … ﴾ (١).

﴿وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾:

فمنهم أُولو العزم، ومنهم خليل الله، ومنهم كليمه، إلى غير ذلك مما يمتاز به بعض الرسل عن بعض.

وعلينا أن نكف عن الموازنة بينهم، تكريمًا لهم عن أن يكونوا مجالًا للمناقشة والجدال، والتعصب الجنسي أو الديني، قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ … ﴾ (٢) الآية.

والإجماع منعقد على أن أفضل الرسل جميعًا محمد لأن رسالته عامة للبشرية جمعاء، ممتدة من عصره إلى آخر الزمان.

أما كل منهم فرسالته محصورة في قوم، وتنتهي رسالته ببعثه خلفه، ولأن الله تعالى أخذ عليهم العهد - جميعًا - بالإيمان به ، وبرسالته، ومناصرته إذا أدركوا بعثته. قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُ نَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ﴾ (٣).

وقال : "أَنا سَيِّدُ وَلدِ آدمَ يومَ القيامةِ، وأول من ينشقُّ عنه القبرُ، وأَوَّلُ شَافِع، وأَوَّلُ مُشَفَّع" (٤). وقال صلوات الله وسلامه عليه: "أنا سَيَّدُ وَلَدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فَخْرَ، وبيدي لواءُ الحمدِ ولا فَخرَ. وما من نَبي يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوائي، وأنا أَوَّلُ شافَعٍ، وأولُ مُشَفَّعٍ ولَا فَخْر" (٥).


(١) الشورى: من الآية ٥١
(٢) البقرة: من الآية ٢٨٥
(٣) آل عمران: الآية ٨١
(٤) رواه مسلم وأبو داود
(٥) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه