قال: غلام عمر قعد على طرف البئر فما ترك أَحدا يستقي حتى مَلأَ قِرَبَ النبي ﷺ وقرب أَبي بكر، فقال ابن أُبي: ما مثلُنا ومثل هؤُلاء إِلا كما قيل: سَمِّن كلبك يأْكُلْك فبلغ ذلك عمر ﵁ فاشتمل سيفه يريد التوجه إليه فأَنزل الله الآية، وحكاه الإِمام عن ابن عباس أيضًا، وهو يدل على أَنَّها مدنية، وكذلك ما روى عن ميمون بن مهران قال: لما أنزل الله قوله - تعالى -: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا … ﴾ إلخ قال فِنْحَاصُ اليهودى: آحتاج رب محمد؟ فسمع بذلك عمر فاستلَّ سيفه وخرج فبعث النبي ﷺ في طلبه حتى رده، ونزلت الآية. (ذكره الآلوسي).
والمعنى: قل - أيها النبي الكريم - للمؤمنين: اغفروا لمن أَساءَ إليكم فيغفروا ويصفحوا عن الأَذى الذي أَصابهم من الذين لا يتوقعون وقائع الله تعالى، ولا يخافون نقمته عليهم لكفرهم، ولو عقلوا لخافوها وبدلوا بكفرهم إيمانا حتى لا تنزل بهم وقائعه ونقمه، وقد أَمر الله رسوله أن يبلغ المؤمنين أمره - تعالى - بأَن يغفروا لمن أَساءَ إليهم حتى لا يشغلوا أَنفسهم بقتالهم قبل أَوانه ويتركوا أَمر عقابهم لله تعالى فيجزيهم بما كانوا يكسبون.
الآية مستأْنفة لبيان الجزاء المذكور في الآية السابقة: والمعنى: من عمل صالحًا فلنفسه الأَجر والثواب على عمله، ومن أَساءَ بفعل القبائح وعمل السيئات فَعَلَى نَفْسِه أَسَاء، فعليه وزْرُ عمله وقُبْح فعله، ثم إلى مُرَبِّيكم وخالقكم ومالك أُموركم تُرجعون وتعودون يوم القيامة فيُجَازيكم على أعمالكم خيرًا على الخير، وشرًّا على الشَّر.