للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: بل أَحسب الَّذين اكتسبوا ما يسئ إليهم من الكفر والآثام أن نُصَيِّرهم كالذين آمنوا وعملوا الصَّالحات ونُسَوِّى بين الفريقين بعد الممات بالجنة ونعيمها كما يزعم الكافرون؟! قَبُحَ ما يَقْضُون به مِن الحُكْم الجائر الَّذى يُسَوِّى بين المحسنين والمسيئين، فإنهم وإن تساووا محيا في نحو الرزق والصحة لا يستوون مماتا، فالمؤمنون في روضة يحبرون، والكافرون في النار خالدون، وقال الزَّمخشرى: المعنى إنكار أَن يستوى المحسنون والمسيئون محيا وأَن يستووا مماتا لافتراق أَحوالهم في ذلك، والآية مُتَضَمِّنة للرد على الكفَّار كما يُعرف بأدنى تدبّر؛ لأَنَّ الله إِذا أَنكر عليهم المُساواة فكيف بالأَفضليّة؟! قال ابن عطيّة: إنَّ لفظ الآية يعطى أنَّ اجتراح السيئات هو اجتراح الكفر لمعادلته بالإيمان.

٢٢ - ﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾:

الآية الكريمة دليل على إنكار حسبانهم السابق؛ لأَن خلق العالم بالحقّ المقتضى للعدل يستدعى انتصاف المظلوم من الظَّالم والتَّفَاوت بين المسئ والمحسن، وإذا لم يكن في الْمَحْيَا كان بعد الممات حقًّا، والمعنى: وخلق الله السَّموات والأرض بالحكمة والصّواب دون العبث والباطل، وأَقام نظامهما على العدل والإِنصاف لتظهر دلائل أُلوهيته وأمارات قدرته وحكمته، ولتُجْزى كلّ نفس بما فعلت من خير أَو شرّ وهم لا يُظْلمُون بنقص ثواب أَو زيادة عقاب، وذلك منه تفضُّل وكرم؛ لأَنَّ الخلق عبيده يفعل بهم ما يشاء، ولكن شاءَت حكمته وعدله ذلك ووعد به، ووعده لا يتخلَّف.

٢٣ - ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾: