هذا القول الكريم تَعْجِيب مِنْ حال مِنْ ترك مُتَابعة الهُدى إلى مُطاوعة الْهَوَى فكأَنه يعبد الهوى، فالكلام على التَّشبيه.
والمعنى: أَنظرت فرأَيت - أَيها الرسول - حال من اتَّخَذَ إِلهه هواه، فهو مطواع لهوى النَّفس، يتبع ما تدعوه إليه، فكأَنَّه يعبده كما يعبد الرجل إلهه: وقرئ (آلِهَةً هَوَاهُ) لأَنه كان يستحسن الحجر فيعبده، فإِذا وجد ما هو أَحسن منه رفضه إليه أَو أَبقى عليه فكأَنَّه اتَّخذ هواه إلها أو آلهةً شَتَّى يعبد كلّ وقت واحدا منها، وأَضلَّه الله فصرفه عن الهداية وخذله عن طريق الحقّ على علم منه - تعالى - بذلك؛ لأَنَّه علم أَنَّ ذلك اختياره وإِرادته وإصراره علية، أَو أَضلَّه الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه وأَغلق الله سمعه وقلبه فَحِيلَ بينه وبين أَن يسمع ما ينفعه مِنَ الهُدَى، أَو يَعى شيئًا بعقله ويهتدى به، وجعل على بصره غطاء وغشاوة، فلا يُبصر الحقّ ولا يرى حجّةً يستضئ بها؛ لأَنه محجوب عن الاستبصار والاعتبار، والكلام على التمثيل كما يُقرِّر ذلك العلاَّمة الآلوسي، فمن يهديه من بعد إِضلال الله إياه وإعراضه عنه وخذلانه له لاستحقاقه ذلك بإِصراره على الكفر؟ أَي لا أحد يهديه، ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ أَي: أَتتركون التفكر والنَّظر فلا تتذكَّرون ولا تتعظون؟.