وإذا قال لكم رسول الله المبلِّغ عن ربه - أيها المنكرون للبعث -: إن ما وعدكم الله به من البعث والجزاء حقٌّ ثابت وواقع، والساعة لا شك في مجيئها ووقوعها قُلتم استغرابًا، وتكذيبا: ما نعلم ما الساعة؟ أي شيء هي؟ وما حقيقتها؟ ما نتوهَّم وقوعها إلاَّ توهمًا مرجوحًا وما نحن بمتحققين أنها آتية.
وقيل: المعنى: وما نحن بمستيقنين إمكان الساعة، أي: لا نتيقن إمكانها أصلًا فضلًا عن تحقق وقوعها المدلول عليه بقوله - تعالى -: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ فقولهم هذا ردٌّ لذاك.
قال الآلوسي: ولعل المُثْبتين لأنفسهم الظن من غير إيقان بأمر الساعة غير القائلين: ﴿إن هي إلا حياتنا الدنيا .. ﴾ الآية فإن ذلك ظاهر في أنهم منكرون للبعث جازمون بنفي الساعة، فالكفرة صنفان: صنف جازمون بنفيها كأئمتهم، وصنف مترددون متحيرون فيها، فإذا سمعوا ما يُوثر عن آبائهم أنكروها، وإذا سمعوا الآيات المتلوة تقهقر إنكارهم فترددوا، ويحتمل اتحاد قائل ذاك وقائل هذا إلا أن كل قول في وقت وحال، فهو مضطرب مختلف الحالات، تارة يجزم بالنفي فيقول: ﴿إن هي إلا حياتنا الدنيا .. ﴾ الآية، وأخرى يظن فيقول: ﴿إن نظن إلا ظنا﴾ إ هـ: آلوسي بتصرف.
وظهر حينئذ لهؤلاء الكفار سيئات ما عملوا، أي: قبائح أعمالهم، فإن العقوبة دليل على ذلك، أو سيئات ما عملوا، أي: جزاء أعمالهم السيئات وأحاط بهم من كل جانب العذاب والنكال جزاء استهزائهم بآيات الله وسخريتهم منها.