للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن يتقوى بذلك على أمر مفروض أو مندوب ونحو ذلك، فإن الله يثيبه عليه، والحكم عكس ذلك إذا اقترنت بالمباح ولا بسته نية المعصية فإن الله يعاقب عليه "وإنما لكل امريء ما نوى".

﴿ونتجاوز عن سيئاتهم﴾ أي: يتجاوز الله عن سيئات المذنبين؛ لتوبتهم المشار إليها بقوله - تعالى - في الآية السابقة: ﴿إني تبت إليك وإني من المسلمين﴾ أو لغلبة حسناتهم على سيئاتهم، لقوله - تعالى -: ﴿إن الحسنات يذهبن السيئات﴾ (١) أو لاجتناب الكبائر، لقوله - تعالى - في سورة النساء: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾، أما أصحاب السيئات الذين لم يكونوا من هؤلاء وهم مسلمون مؤمنون، فأمرهم مفوض إلى الله تعالى، فإما أن يعفو عنهم أو يعاقبهم.

وهؤلاء الذين يتجاوز الله عن سيئاتهم ﴿فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ أي: في عداد أصحاب الجنة منتظمون في سلكهم يحقق الله لهم وعد الصدق الذي كانوا يوعدون به في الدنيا على ألسنة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - من الجزاء الحسن والنعيم المقيم في جنة عرضها السموات والأرض، ويتمتعون فيها بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فسبحانه من إله كريم بر رحيم.

﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٧) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾.


(١) سورة هود، من الآية: ١١٤.