للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما الفريق العاق العاصي فإنه يتدنَّى ويتسفل في دركات النار يلقى سعيرها ويعذب بأليم عقابها يتلاومون فيها ويلقى كل على صاحبه التبعة، ويتبرأ الذين اتُّبعُوا من الذين اتَّبعوا، وهم يومئذ بعضهم لبعض عدو.

وهذا النعيم المقيم، وذاك العذاب الأليم يجزيهم الله - سبحانه - به جزاءً وفاقًا على أعمال عملوها في الدنيا فلا ينقص الله من أجر الطائعين، ولا يزيد في عقاب العاصين: ﴿ولا يظلم ربك أحدا﴾ (١).

٢٠ - ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا … ﴾ الآية:

لما ذكر أحوال بعض الأشقياء ومآلهم أردفه - جل وعلا - بذكر حال الكافرين عامة في أُخراهم، أي: ذكِّر يا محمَّد هؤلاء المعاندين المكابرين - ذكرهم - يوم يظهر الله للكفار نار جهنم فينظرون إليها ويعلمون أنهم ملاقوها فيقال لهم - تقريعا وتوبيخًا وتسفيهًا لهم عما قدموا -: استنفدتم طيباتكم من المآكل والمشارب والملابس، والمفارش وأنواع المتع والشهوات، وتمتعتم بتلك اللذائذ واستعجلتموها في الدنيا، فليس لكم حظٌّ ولا نصيبٌ منها في الآخرة؛ لأنكم لم تكونوا مؤمنين حتى تنالوا النعيم الأبدي الخالد، بل اشتغلتم بشهوات الدنيا ولذائذها، وقضيتم حياتكم في لهو الشهوات وحمأة المعاصي، وعميت أبصاركم عما ينفعكم في الآخرة من الإيمان باللهِ والعمل في مرضاته، ففي هذا اليوم - وهو يوم القيامة - يُجازيكم الله عذاب الذُّل وعقاب الهوان؛ لأنكم كنتم في الدنيا تستعلون وتتكبرون بغير استحقاقٍ لكم في ذلك الصلف والكبر، وتستنكفون أن تعترفوا بأنكم خلق الله وعباده؛ فترفعتم عن الإيمان بالله إلها واحدًا، ومع هذا الكفر الصريح الدائم منكم كنتم مستمرين على الفسق خارجين عن طاعته - سبحانه - فقد جمعتم بين ذنب القلب بالكفر، وذنب الجوارح بالعصيان والفسق.


(١) سورة الكهف، من الآية: ٤٩.