الطمأنينة في قلوب المؤمنين بسبب الصلح والأمن؛ ليعرفوا فضل الله عليهم بتيسير الأمن بعد الخوف والهدنة بدل القتال، ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم ويقينًا مع يقينهم برسوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها.
أو: هو الذي أنزل في قلوب المؤمنين السُّكون والاطمئنان إلى ما جاء به الرسول من الشرائع ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم بالله واليوم الآخر، والرأى الأول أظهر.
وبهذه الآية الكريمة وبنصوص كثيرة أخرى، ومنها ما روى عن ابن عمر ﵄: قلنا: يا رسول الله، إن الإيمان يزيد وينقص؟ قال:"نعم، يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة، وينقص حتى يدخل صاحبه النار" أقول: بهذا وبأمثاله استدل جمهور الأشاعرة والفقهاء والمحدثين والمعتزلة على أن الإيمان يزيد وينقص، ونقل ذلك عن الشافعى ومالك، وقال البخاري: لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت واحدا منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص.
وهذه قولة حقٍّ، وإلا لكان إيمان آحاد الأمة المنهمكين في الفسق والمعاصي مساويًا لإيمان الأنبياء والصديقين.
وقال جماعة من العلماء أعظمهم الإمام أبو حنيفة وتبعه صحبه وكثير من المتكلمين: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، واحتجوا بأنه اسم للتصديق البالغ حدّ الجزْم، والإذعان وهذا لا يُتصَور فيه زيادة ولا نقصان، واختار هذا الرأى إمام الحرمين، وفي هذا الموضوع كلام كثير ذكره العلامة الآلوسي وغيره فليرجع إليه في الموسوعات من أراد التوسّع في هذا المقام.
ثم ذكر سبحانه - أنه لو شاء لانتقم من الكافرين فقال: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ أي: ولله جنود السموات والأرض يدبِّر أمرها كيفما يريد، فيسلِّط بعضها على بعض تارة، ويجعل السّلم بينها تارة أخرى حسبما تقتضيه مشيئته، ومن ذلك ما وقع في الحديبية، ولو أرسل علي الكفار ملكا واحدا لأباد خضراءهم ولكنّه - سبحانه - شرع لعباده المؤمنين الجِهاد والقتال ليثيبهم عليه، وكان الله