ختم الله الآية بهذه الجملة، لحمل الناس على ترك الغيبة وعلى التوبة منها.
والمعنى: واتقوا الله بترك الغيبة والتوبة إليه منها ومن سائر الذنوب إن الله تواب رحيم يقبل التوبة من التائبين، ويعفو عن سيئات المسيئين، إذا حسنت توبتهم لرب العالمين.
بعْدَ أن ذكر الله - تعالى - تلك الآداب السامية التي حفلت بها هذه السورة، ختمها بلون من الأدب العالى، وهو تعليم عباده أَن لا كرم ولا شرف عند الله إلا بالتقوى كيفما كانت الأحساب والأَنساب، حتى لا يتعالى بعضهم على بعض بغير حق، فكل الناس من آدم وحواء، فلا وجه للتعالى بالأحساب والأَنساب؛ ليظل الناس إخوة متواضعين متحابين.
وجاءَ في معنى الآية في كتاب (آداب النفوس) للطبراني بسنده عن أبي نضرة قال: حدثني - أو حدثنا - من شهد خطب رسول الله ﷺ بمنى في وسط أيام التشريق وهو على بعير فقال:"يا أيها الناس: ألا إنَّ ربَّكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ، أَلا لا فضل لعربيٍّ على عجمي ولا عجمى على عربى، ولا أسود على أحمر، ولا لأحمرَ على أسود إلا بالتقوى، ألَا هَلْ بلَّغت؟ قالوا: اللهم نعم، قال: "لِيبلغ الشاهدُ الغائب".
سبب نزول هذه الآية:
أخرج أبو داود بسنده عن الزهرى - مُرسلًا - قال: "أمر رسولُ الله ﷺ، بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم، فقالوا لرسول الله ﷺ: أنزوج بناتنا مَوالينا؟ فأنزل الله ﷿:(إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ) وقيل في سبب نزولها غير ذلك، ولا مانع من نزولها من أجل عدد من الحوادث المتشابهة.