(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ): وفي أموالهم نصيب وافر استوجبوه على أنفسهم لكل محتاج مستعرض للمسألة أو متعفف لا يسأل أحدًا ولا يفطن الناس له فيحرم من الإحسان والصدقة. والمقصود من هذا الحق الصدقة، لا الزكاة، لأن السورة مكية والزكاة مدنية، وقيل: المحروم هو الذي لا سهم له في الغنيمة، أو الغارم، والأصل هو أَن المحروم الممنوع الرزق لترك السؤال أو ذهاب المال أو غير ذلك ممَّا يصير به الإنسان فقيرًا ولا يتعرض للمسألة.
وفرَّق قوم بين الفقير والمحروم بأنه قد يحرمه الناس بترك الإعطاء وقد يحرم نفسه بترك السؤال، فإذا سأل لا يكون ممن حرم نفسه بترك السؤال، وإذا لم يسأل فقد حرم نفسه ولهم يحرمه الناس.
في هذه الآيات توجه إلى التدبر في آيات ومظاهر قدرته - تعالى - للانتفاع بذلك في ترسيخ العقيدة، وتعميق الإيمان، فإن من ينظر في آثار قدرة الله على الأرض التي تقلُّه، وفي نفسه وتكوين خلقه وجسمه، وفي السماء التي تظلُّه - إن من ينظر في ذلك كله - يجد من دلائل القدرة ما يدعم الإيمان، ويؤكد اليقين بالصانع الحكيم.
والمعنى: وفي الأرض التي تعيشون عليها، وتمشون في مناكبها دلائل على الصانع وحكمته وعلى الخالق وقدرته من حيث إنها كالبساط لما فوقها كما قال - تعالى -: ﴿الذى جعل لكم الأرض مهدا (١)﴾ وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها، وهي متنوعة بين سهل وجبل، وصلبة ورخوة، وخصبة وسبخة، ويتعدد فيها أنواع النبات وتسقى بماء واحد فتأتى بالثمار مخلتفة، ونفضل بعضها على بعض في الأكل، وكلها موافقة لحوائج الناس ومنافعهم في صحتهم واعتلالهم، وحلهم وترحالهم، وفيها من العيون المتفجرة والمعادن