ورجع وأخبر رسول الله ﷺ فقال ﵊:"تلك العزى ولن تعبد أبدًا". وكانت مناة لهذيل وخزاعة، وقيل: لبني هلال، فبعث رسول الله ﷺ عليًّا - كرم الله وجهه - فهدمها عام الفتح، وسميت (مناة)؛ لأن دماءَ الذبائح والنسائك كانت تمنى (تراق) عندها تقربًا إليها، أو هي مأخوذة من النوء لأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركًا بها ﴿الْأُخْرَى﴾: صفة ذم وهي المتأخرة الرضيعة، وهي - أيضًا - تدل على ذم السابقتين ﴿اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾، لأن أخرى تأنيث آخر تستدعي المشاركة مع السابق عليها في الحكم، وهو هنا الذل والوضاعة ونزول القدر والمكانة.
٢١ - ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى﴾:
بعد أن سفه الله أحلامهم ووبخهم على ما اقترفوه من عبادة هذه الأصنام مع وضوح آثار عظمة الله في ملكه وملكوته، وجلاله وجبروته - بعد ذلك - أنحى عليهم مرة أخرى بالتقريع والتوبيخ لتفضيلهم أنفسهم على جنابه ﷿ حيث جعلوا له - سبحانه - الإناث التي يأنفون منها، واختاروا لأنفسم الذكور، وكانوا يقولون: إن هذه الأصنام والملائكة بنات الله وكانوا يعبدونها ويزعمون أنها شفعاؤهم عند الله - تعالى - فقال لهم:
﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى﴾ أي: أيستقيم قولهم هذا لدى أرباب العقول السليمة والفطر المستقيمة؟
٢٢ - ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾:
أي: قسمتكم هذه قسمة جائرة ظالمة حيث اصطفيتم لأنفسكم الذكور، وجعلتم لله الإناث، ومن شأنكم أنَّكم تستنكفون من أن يولدن لكم وينسبن إليكم، فضلا عن أن تجعلوا هؤلاء الأناث أندادًا لله وتسمونهنَّ آلهة.