أي: ما الأصنام التي تدَّعون أنها آلهة - ما هي - إلا أسماءٌ ليس تحتها في الحقيقة مسميات، وما تزعمونه لها هو أمر أبعد شيء عنها، وأشد منافاة لها، فهي لا تدفع عن نفسها ولا تنفع ولا تضر غيرها ﴿أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ أي: قد تابعتم آباءكم وقلدتموهم في عبادتها واتخاذها آلهة، وهي ليست إلَّا مجرد تسميات لجمادات وضعتموها أنتم ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾.
أي: ما هي إلَّا أسماء سميتموها بهواكم وشهوتكم، ليس لكم على صحة تسميتها آلهة برهان ودليل من الله تتعلقون وتتمسكون به.
﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ﴾: المراد بالظن هنا: هو التوهم، وشاع استعماله فيه، أي: ما تتبعون ولا تسيرون إلَّا وراءَ وهم باطل حيث يدور في خلدكم العليل وعقلكم السقيم أن ما أنتم عليه حق، وأن ما تزعمونه من آلهة تشفع لكم.
﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾: أي: والحال أن الله - سبحانه - أرسل إليكم رسوله ﷺ تفضلا منه وإنعامًا عليكم يهديكم إلى الحق وإلي صراط مستقيم، فكيف تتركون ما جاءكم من الهدى والرشاد إلى ما أنتم عليه من دين باطل واعتقاد فاسد.
٢٤ - ﴿أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى﴾:
أي: بل ليس للإنسان مطلقًا ما يتمناه وتشتهيه نفسه يتصرف فيه حسب إرادته، وهذا يقتضي نفي أن يكون للكفرة ما كانوا يطمعون فيه من شفاعة الآلهة والظفر بالحسنى لدى الله يوم القيامة، قال تعالى - حكاية - عن بعض هولاءِ الكفار:
﴿وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى﴾ كما ينفي ما كانوا يشتهونه من نزول القرآن على رجل من القريتين عظيم، أو يكون بعضهم هو النبي ونحو ذلك من أمانيهم الكاذبة الخادعة.