للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَلِأَنفُسِكُمْ﴾:

لا يعود نفعه إلا عليكم، فلا تنفقوا من الخبيث، ولا تبطلوه بالمَنِّ والأذى، ومراءَة الناس.

أو، فلا تمنعوه عن الفقراء من الكفار، فإن نفعكم به ديني، ونفع الكافرين به دنيوي، فلا يُصَدُّ عنهم، لأن الإسلام لا يمنع البِرَّ عن الناس، مهما كان دينهم.

﴿وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ﴾: الجملة معطوفة على ما قبلها، أو حال.

والمعنى: وما تنفقون من الخير - لسبب من الأسباب - إلا ابتغاء وجه الله، وطلبا لرضاه. وإذا كان أمركم كذلك، فلا يضيركم أن تعطوا منه الفقراء الكفار، فلا تمنعوهم إياه، فإن لكم ثوابه.

ويجوز أن يكون النفي فيها بمعنى النهي، أي لا تنفقوا الخير إلا لوجهه تعالى، لا رياءً ولا لغرض من الأغراض الدنيوية. (١).

﴿وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ التوفية: إكمال الشيء.

أي وما تنفقوا من خير تُعْطَوْن جزاءَه وافرًا وافيًا، فلا عذر لكم في أن ترغبوا عن إنفاقه، على أن يكون على أحسن الوجوه وأجملها.

وقيل: المعنى: يوف إليكم خلفه في الدنيا، ولا ينقص به من مالكم شيء.

نقول: ولا يمنع هذا الثواب الآخرة.

﴿وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾: أي لا تنقصون شيئا مما وُعدتم به من الثواب.


(١) وبما أنه تعالى ليس كمثله شيء، فالمراد بوجه الله: ذاته أو جهته. وعلى كل، فالمقصود من التعبير به في العرف القوي: الإخلاص وعدم الإشراك. أي ما تنفقون إلا ابتغاء الله تعالى، دون أن يكون لكم مأرب آخر سوى رضاه سبحانه. وإذا كانت الجملة خبرية، ففيها شهادة من الله تعالى لأصحاب رسوله، وثناء عليهم بأنهم مخلصون في إنفاقهم، فلا يبتغون به سواه سبحانه.