من خَضَد الغصن إذا ثناه وهو رطب فمخضود مثنِيّ الأغصان كنى به عن كثرة الثمر. ويدل على أن المخضود هو الذي خُضد أي: قطع شوكه ما أخرجه الحاكم وصححه، والبيهقي عن أبي أمامة قال: كان أصحاب رسول الله ﷺ يقولون: إن الله - تعالى - ينفعنا بالأعراب وسائلهم.
أقبل أعرابي يوما فقال: يا رسول الله لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذى صاحبها. قال: وما هي؟ قال: السِّدر فإن له شوكًا، فقال رسول الله ﷺ: أليس الله يقول: ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ﴾؟ خضد الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة وإن الثمرة من ثمره تفتق عن اثنين وسبعين ولونًا من الطعام ما فيها لون يشبه الآخر.
وقال أبو العالية والضّحاك: نظر المؤمنون إلى وَجّ (وهو واد بالطائف مخصب وفي اللسان وجّ موضع بالبادية) فأعجبهم سدره فقالوا: يا ليت لنا مثل هذا. قال الآلوسي والظرفية في قوله - تعالى -: ﴿فِي سِدْرٍ﴾: مجازية للمبالغة في تمكنهم من النعم والانتفاع بما ذكر.
٢٩ - ﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ﴾:
أي: وشجر موز قد نضَّد حمله من أسفله إلى أعلاه أي: متراكب قد رُصّ بعضه فوق بعض ليست له ساق بارزة، روى ذلك عن عليّ وأخرجه جماعة من طرق عن ابن عباس، وأبي هريرة وأبى سعيد الخدريّ.
٣٠ - ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾:
أي: وهم كائنون في ظل ممدود أي: دائم ممتد منبسط لا يتقلص، ولا يتفاوت ولا يذهب كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وظاهر الآثار أنه ظل الأشجار. أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذى وابن مردويه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: "في الجنة شجرة يسير الراكب في ظِلِّها مائة عام لا يقطعها وذلك الظل الممدود".