أي: وماء منصب حيث شاءوا لا يحتاجون فيه إلى آنية أو رشاء. قال القرطبي: أصل السكب الصب أي: وماءٌ مصبوب يجرى الليل والنّهار في غير أخدود لا ينقطع عنهم، وكانت العرب أصحاب بادية وبلاد حارة، وكانت الأنهار في بلادهم عزيزة، لا يصلون إلى الماء إلاَّ بالدلو والرَّشاء، فوعدوا في الجنة خلاف ذلك ووصف لهم أسباب النزهة المعروفة في الدانيا، وهي الأشجار وظلالها والمياه والأنهار واطِّرادها.
وقيل: كأنَّه لما شبَّه حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن من كونهم على سرر تطوف عليهم خُدَّامهم بأنواع الملاذ، شبَّه حال أصحاب اليمين بأكمل ما يتصوَّر لأهل البوادى من نزولهم في أماكن خصبة فيها مياه وأشجار وظلال إيذانًا بأن التَّفاوت بين الفريقين كالتفاوت بين أهل المدن والبوادى [أهـ. آلوسى بتصرف].
أي: فاكهة كثيرة الأنواع والأصناف ليست بالقليلة العزيزة كما كانت في بلادهم، لا مقطوعة في أي وقت من الأوقات كانقطاع فواكه الصيف في الشتاء، ﴿وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾ أي: ولا يمنع من أرادها بشوك ولا بُعد ولا حائط، بل إذا اشتهاها العبد دَنَتْ منه حتى يأخذها قال - تعالى -: ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾ (١)، وقيل: ليست مقطوعة بالأزمان ولا ممنوعة بالأثمان.
٣٤ - ﴿وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ﴾:
أي: وفرش مرفوعة نُضِّرت وفرشت حتى ارتفعت، أو مرفوعة على الأسرة، فالرفع حسي كما هو الظاهر، وقال بعضهم: رفيعة القدر، على أن رفعها معنوى بمعنى شرفها، وأيًّا ما كان فالمراد بالفُرش على هذا: ما يفرش للجلوس والنوم عليه.