وقوله - تعالى -: ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ بعد هذا التمثيل معناه: قد وضحنا لكم الحجج، والبراهين، التي من جملتها هذه الآيات. كي تعقلوا ما فيها، وتعملوا بموجبها فتنعم حياتكم، وتسعد آخرتكم.
هذه الآية دخول على فضائل الأعمال، وبيان حال العاملين ودرجاتهم، بعد أَن عرضت الآية السابقة مظاهر قدرة الله وفضله، في إِحياء القلوب وإثرائها بالإيمان والخير بعد الشر، والعطاء بعد الجفاء.
والمصَّدقون والمصَّدقات يمكن أَن يراد بهم المتصدقون بأموالهم، الباذلون لها عن طيب نفس، وخلوص نية على المستحق للصدقة، ويجوز أَن يراد بهم الذين صدقوا الله ورسوله من التصديق لا من الصدقة.
والمعنى: إن المتصدقين والمتصدقات الذين بذلوا أَموالهم في وجوه الخير للمحتاجين، وإِغاثة الملهوفين ومساعدة المنكوبين ابتغاءَ وجه الله قرضًا حسنًا خالصًا من الرياء، بعيدا عن التفاخر، والتكاثر - إن هؤلاء - يضاعف الله لهم أَجرهم، الحسنة بعشر أَمثالها إِلى سبعمائة ضعف إلى أكثر من ذلك لمن يشاءُ والله واسعٌ عليم، ولهم أَكثر من هذا أجرٌ كريم في نفسه ثمين في جوهره جدير أَن يتنافس فيه المتنافسون لذاته ومن غير مضاعفة فكيف إِذا ضوعف أَضعافًا مطلقة.
الكلام في هذه الآية يمكن أَن يكون مبنيًّا على جملة واحدة فحواها أن الذين آمنوا بالله ورسله في منزلة الصديقين والشهداء في أجرهم ونورهم، ويقابل هذه الجملة جملة ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾.