قال السدي: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب، ورجل من بني المغيرة، كانا شريكين في الجاهلية، وكانا يتعاملان بالربا مع ناس من ثقيف، فجاء الإسلام، ولهما أموال عظيمة عندهم، فتركوها حين نزلت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: نزلت هذه الآية في بني عمرو بن عمير، وهم الطالبون، والمطلوبون بنو المغيرة من بني مخزوم، وكانوا يداينون بني المغيرة في الجاهلية بالربا. وكان النبي ﷺ صالَحَ ثقيفًا، فطلبوا رباهم إلى بني المغيرة، وكان مالاً عظيمًا. فقال بنوا المغيرة: والله لا يعطي الربا في الإسلام، وقد وضعه الله تعالى ورسوله عن المسلمين، فعرَّفوا شأنهم معاذ بن جبل، يقال عَتّاب بن أسيد، فكتب إلى رسول الله ﷺ إن بني عمرو يطلبون رباهم عند بني المغيرة، فأنزل الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا … ) الخ فكتب رسول الله ﷺ إلى معاذ ابن جبل "أن اعرض عليهم هذه الآية، فإن فعلوا فلهم رءوس أموالهم، وإن أَبَوْا فآذِنْهُم بحرب الله ورسوله" ذكره الآلوسي.
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا، قوا أنفسكم واحفظوها من عقاب الله، واتركوا ما بقي لكم على الناس من مال الربا إن كنتم مؤمنين صادقين، فإن من شأن الإيمان الحقيقي، أن يكف أصحابه عن عصيان أوامر الله تعالى، وبخاصة ما كان متعلقًا بحقوق الآدميين.
أي فإن لم تفعلوا ما أُمرتم به، فأيقنوا بحرب من اللهِ ورسولِه، وإن تبتم عن الربا، فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون غرماءِكم بأخذ مال الربا عليها، ولا تُظلمون منهم بالنقص منها، أو المطل في أدائها، فإن النقص منها حرام وظلم، وكذا المطل والتأخير في أدائها مع الغنى والسعة.
والمراد بحرب الله ورسوله: إهدار دم المرابي. كما قال ابن عباس. فقد ورد عنه أنه