للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وصحَّح أوضاعه، فقال: "من أَسْلَفَ في تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلوم، وَوَزْنٍ مَعْلومٍ، إلى أَجَلٍ مَعْلوم". رواه ابن عباس، وأخرجه البخاري ومسلم، وغيرهما.

وعَرَّف علماءُ المالكية السَّلم بقولهم: "هو بيع معلوم في الذمة، محصور بالصفة بعين حاضرة، أو ما هو في حكمها إلى أجل معلوم".

والمقصود بالمعلوم في الذمة: أن يكون البيع محدودًا بأوصاف معينة، ترفع الخلاف عليه عند التسليم.

والمقصود من حصره بالصفة: ألا يحصره بعينه .. مثل: الذين كانوا يستلفون في المدينة على ثمار نَخْل بأعيانها، حين قدم رسول الله إليها فقد نهوا عند ذلك لما فيه من الغرر -أي الخطر- إذ قد تُخْلف تلك الأشجار فلا تثمر شيئًا.

وقوله: أو ما في حكمها، ليدخل رأس المال المؤَجل يومين أو ثلاثة، فإن السلم به جائز عند المالكية. إذ هو معتبر في حكم العين الحاضرة عندهم.

ولا يجيز ذلك الشافعي، الكوفيون، فرأس المال عندهم لابد من دفعه قبل الافتراق من المجلس.

والأجل المسمى: هو المعين بالأيام أو الأشهر أو نحوهما، مما يميز وقت التسليم تمييزًا دقيقًا، لا مجال للخلاف فيه.

أما التأجيل لنحو الحصاد والجذاذ، ففيه خلاف:

فالمالكية: يجيزونه، فهو عندهم في حكم محدود الأجل.

وغيرهم لا يعتبره كذلك، فيمنع حل السلم به، لأنه يورث الخلاف.

وخلاصة المعنى: يأيها الذين صدقوا بالله ورسوله إذا دَاين بعضُكم بعضا بدين، إلى أجل معين، تعيينًا لا يستتبع خلافًا، فاكتبوه بأجله.

وسيأتي الأمر بالإشهاد على الدَّيْن المكتوب.

والأمر في قوله: (فَاكْتُبُوهُ) لإيجاب كتابة الدَّيْن مطلقًا، سواءٌ أكان في بيع أم غيره، لئلا يقع فيه نسيان أو جحود أو خلاف. واختار هذا الرأي جماعة منهم: الطبري. ومقتضاه: إثم من لم يكتب الدَّيْن.