وقيل: ساقُ الشيء: أَصْلُه الذي به قوامه كساق الشجرة، والمراد: يوم يُكْشف عن أَصل الأَمر فتظهر حقائق الأَشياءِ وأُصولها بحيث تصير عيانًا، وإِلى هذا يشير ما أَخرجه البيهقي عن ابن عباس قال: حين يكشف الأَمر وتبدو الأَعمال.
وذهب بعضهم إِلى أَن المراد بالسَّاق ساقه ﷾ وأَن الآية من المتشابه، واستدل على ذلك مما أَخرجه البخاري ومسلم غيرهما عن أَبي سعيد قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول:(يَكِشفُ ربُّنا عن ساقِه فَيسجُدُ له كلُّ مؤمن ومؤمنة، ويبقى مَنْ كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا).
وأَنكر ذلك سعيد بن جبير فقد سئل عن الآية فغضب غضبًا شديدًا وقال: إِن أَقوامًا يزعمون أَن لله سبحانه يكشف عن ساقه وإِنما يكشف عن الأَمر الشديد، وعليه يحمل ما في الحديث (الآلوسي).
(وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) أَي: ويدعون إِلى السجود لا تعبدًا وتكليفًا ولكن توبيخًا وتعنيفًا على تركهم إِياه في الدُّنيا وتَحِسيرا لهم على تفريطهم في ذلك، أَو امتحانًا لإِيمانهم.
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ): لزوال القدرة عليه، وفيه دلالة على أَنهم يقصدونه فلا يستطيعون ولا يتأَتى منهم، والظاهر أَن الداعي هو الله تعالى أَو الملائكة وقيل: هو ما يرونه من سجود المؤمنين.
بين الله - سبحانه - حال من يُدْعَوْن إِلى السجود يوم القيامة فلا يستطيعون بأَنهم خاشعة أَبصارهم، أَي منكسرة ذليلة تلحقهم وتغشاهم مهانة وندامة وحسرة، وقد كانوا يُدْعوْن إِلى السجود في الدنيا وهم سالمون مُعَافُون متمكِّنون منه أَقوى تمكُّن فلا يُجِيبون إِليه ويَأبَوْنه ويَنْفِرون منه تكبرا أَو إِعراضا، لذلك عُوقِبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة، روي أَنه كلما أراد أحدهم أَن يسجد خَرّ لقفاه على عكس السجود بخلاف ما عليه المؤمن.