أَي: ولم أَعرف شيئا عن حسابي؛ إِذ لا طائل ولا نفع من وراء ذلك؛ فكتابه لم يضم ما ينجيه وليس فيه ما يغنيه من عذاب الله، إِنه قد حوى وشمل كل قبيح يشينه، وسطر فيه ما يهلكه ويرديه.
٢٧ - ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧)﴾:
أَي: يقول - متمنيا ولا ينفع التمني - ليت الموتة التي متُّها وذقتها في الدنيا كانت هي القاطعة لأَمري ولم أُبعث بعدها ولم أَنل وأَلق ما أَلقاه من العذاب المهين، أَو ليت هذه الحالة - وهي حالة مطالعته لكتابه يوم القيامة - كانت الموتة التي قضت عليّ؛ لأَنه قد صار إِلى أَمر أَشد إِيلاما ومرارة من الموت فتمناه عنده، وقد قيل: أَشد من الموت ما يتمنى الموت عنده.
٢٨ - ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨)﴾:
أَي: لم ينفعني ولم يغن عني ما كان لي في الدنيا من المال الوفير فضة وذهبا وخيلا مسومة وأَنعاما وحرثا وخدما وحشما، فقد وفدت وجئت إِلى ربي فردا وحيدا لا نصير لي ولا معين.
٢٩ - ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩)﴾:
أَي: بطلت حجتي، وضاع دليلي، وضل برهاني الذي كنت أَحتج به في الدنيا على محمد ﷺ حيث كذبتني الجوارح وشهدت علي بالشرك والمعاصي!! أَو ذهب ملكي وتسلطي وبطشي وجبروتي وبقيت ذليلا مهينا.