للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَاقِرَةٌ): داهية عظيمة تقصم فقار الظهر من فَقَرَهُ أَصاب فِقاره، وقال أَبو عبيدة: فاقرة -من فقرت البعير إِذا وسمت أَنفه بالنار.

التفسير

١٦ - (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ):

قال ابن كثير: هذا تعليم من الله -عز وجل- لنبيه صلى الله عليه وسلم في طريقة تلقيه الوحي من الملك، فإِنه كان يبادر إلى أَخذه، ويسابق المَلَك في قراءَته، فأَمره الله -عز وجلَّ- إِذا جاءَه المَلَك بالوحي أَنه يستمع إِليه، وتكفل له سبحانه أَن يجمعه في صدره وأَن ييسره لأدائه على الوجه الذي أَلقاه إِليه، وأَن يبينه له ويفسره ويوضحه.

قال الآلوسي: أَخرج الإِمام أَحمد والبخاري وغيرهم عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، فكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أَن ينفلت منه يريد أَن يحفظه فأَنزل الله سبحانه: (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ) إلخ.

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إِذا أَتاه جبريل - عليه السلام - أَطرق، وفي لفظ استمع، فإِذا ذهب قرأَه كما وعد الله - عز وجل - فالخطاب في قوله تعالى: "لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ" للنبي صلى الله عليه وسلم والضمير في (بِهِ) للقرآن للدلالة عليه من السياق، مثل قوله تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ" (١) أَي: لا تحرك بالقرآن لسانك عند إِلقاء الوحي عليك من قبل أَن يُقْضَي إليك وحيه (لِتَعْجَلَ بِهِ) أَي: لتأْخذه على عجلة مخافة أَن ينفلت منك على ما يقتضيه كلام ابن عباس، وقيل لمزيد حبك له وحرصك على أَداء الرسالة، فكان صلى الله عليه وسلم لا يحرك لسانه بقراءَة القرآن ما دام جبريل يقرأ بل ينصت إِليه ملقيًا إِليه بقلبه وسمعه حتى يُقضي إِليه وحيه ثم يُقَفِّيه ويتبعه بالقراءَة والدراسة حتى يرسخ في نفسه.

١٧ - (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ):

ثم علل النهي عن العجلة بقوله: إِن علينا جمعه أَي: جمعه في صدرك بحيث لا يذهب


(١) سورة القدر الآية ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>