لَمَّا أَثبت -سبحانه- أَن على الإِنسان حافظًا ورقيبًا منه -تعالى - أو من ملائكته، حثه على النظر في نشأته الأُولى حتى يعلم أَن من أَنشأهُ على هذه النشأة قادر على إِعادته وجزائه، فليعمل ليوم الإِعادة والجزاء، وليُرْضِ ربه ولا يُملى على حفظته إِلا ما يسره في آخرته وعاقبة أَمره.
وأَما على تقدير أَن المراد بالحافظ العقل، فلأنه لَمَّا أَثبت -سبحانه- أَن للإِنسان عقلًا يرشده إِلى مصالحه ويكفه عن مضاره، حثه على استعماله فيما ينفعه، وعدم تعطيله وإِلغائه، كأَنه قيل: فلينظر بعقله وليتفكر به في مبدأَ خلقه حتى تتضح له قدرة واهبه - سبحانه - وأَنه إِذا قدر على إِنشائه من مواد ليس فيها حياة ظاهرة فهو -سبحانه- على إِعادته أَقدر وأَقدر، فليعمل بما يُسَر به حين الإِعادة والرجوع إِلى مولاه.
٦ - (خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ):
أَي: خُلق الإِنسان من ماءٍ دافق مصبوب بدفع وسرعة في الرحم، والمراد بالماءٍ الدافق: التي الذي يحمل الحيوانات المنوية التي تلقح بويضة المرأَة ويتكون الجنين.