أي: إن مبغضك وعدوك -كائنا من كان- هو الأَبتر الذي لا عقب له، لا يبقى له نسل ولا حُسْنُ ذكر، لا أنت يا محمد، لأَن كل من يولد من المؤمنين إلى يوم القيامة فهم أولادك وأعقابك، وذكرك مرفوع إلى آخر الدهر، يُبدأُ بذكر الله ويثني بذكرك، فمثلك لا يقال له أبتر وإنما الأَبتر شانئك ومبغضك في الدنيا والآخرة، وإذا ذكر ذكر باللعن، قيل: مات القاسم، وهو أول ميت من ولده بمكة، ثم مات عبد الله، وقال العاص بن وائل السهمي: قد انقطع نسله، فهو أَبتر، فأَنزل الله تعالى:(إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) وقيل: نزلت في أبي جهل، وقيل: في عقبة بن أَبي معيط، والجمهور على أنها نزلت في العاص بن وائل، وأيًّا ما كان فلا ريب في ظهور عموم الحكم، وهذه السورة الكريمة على قصرها وإيجازها قد اشتملت على ما يدل على عظيم إعجازها، وقد أَطال الإمام فيها الكلام، وذكر أن قوله تعالى:(وَانْحَرْ) متضمن الإخبار بالغيب -وهو سعة ذات يده ﷺ وأمته، وقيل مثله في ذلك:(إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) والله أعلم.