والأكثرون على أن المراد بالنصر صلح الحديبية، وكان في آخر سنة ست، والمراد بالفتح: فتح مكة، روي ذلك عن مجاهد وغيره، وصححه الجمهور وكان في السنة الثامنة وكان المسلمون في هذه الغزوة عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب، وقيل: كانوا اثني عشر أَلفًا، قال ابن كثير: المراد بالفتح هنا فتح مكة قولًا واحدًا؛ فإذا أَحياء العرب كانت تقول: إن ظهر على قومه فهو نبي، فلمَّا فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجًا، وأَقبلوا على الإسلام من كل حدب وصوب، ولم تمض سنتان حتى ملئت جزيرة العرب إيمانًا، وقيل: المراد جنس نصر الله لرسوله وللؤمنين وجنس الفتح، فيعم ما كان في أمر مكة -زادها الله تعالى شرفًا- وغيره، وفتح بلاد الشرك.
أي: ورأَيت العرب وغيرهم يدخلون في الإسلام وهو دين الله الذي لا دين غيره جماعات جماعات لا أفرادًا كما كان في بدءِ الدعوة.
قال الآلوسي: والمراد بدخول الناس في دينه تعالى أفواجًا -أَي: جماعات كثيرة: إسلامهم بكثرة من غير قتال، وقد كان ذلك بين فتح مكة وموته ﵊ وكانوا قبل الفتح يدخلون فيه واحدًا واحدًا واثنين اثنين، أخرج البخاري عن عمرو ابن سلمة قال: لَمَّا كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إلى رسول الله ﷺ وكانت الأحياءُ تتلوم (١) بإسلامها فتح مكة، فيقولون: دعوه وقومه، فإن ظهر عليهم فهو نبي، وقال عكرمة ومقاتل: المراد بالناس: أهل اليمن وفد منهم سبعمائة رجل أسلموا، واحتجوا بما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس قال: بينما رسول الله في المدينة إذ قال: "اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ؛ جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ؛ وَجَاءَ أَهْلُ اليَمَن" قيل: يا رسول الله وما أهل اليمن؟ قال: "قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ لَيِّنَةٌ طَاعَتُهُمْ، وَالإِيمَانُ يمَانٍ، وَالْفِقْهُ يمَانٍ، وَالْحكمَةُ يَمَانِيَّةٌ). وَرَوَى مثل هذا البخاري ومسلم والترمذي، وقيل: إن ذلك لأن أهل مكة -وفيهم بعث النبي ومنهم المهاجرون- يمانيون، وكذلك أهل المدينة ومنهم الأنصار.