والظاهر أنه ثناء على أَهل اليمن؛ لإسراعهم إلى الإيمان وقبولهم له بسهولة ويسر، ويشمل الأنصار وغيرهم، والظاهر أيضًا أن الخطاب في (وَرَأَيْتَ) للنبي ﷺ وقيل: الخطاب عام لكل مؤمن.
أي: إذا تم لك ما ذكر فاشكر المنعم (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي: فنزهه تعالى بكل ذكر يدل على التنزيه، حامدًا له - جل وعلا - زيادة في عبادته والثناء عليه سبحانه لزيادة إنعامه عليك، فالتسبيح: التنزيه، لا التلفظ بكلمة (سبحان).
والمعنى: اجمع بين تسبيحه تعالى -وهو تنزيهه عمَّا لا يليق من النقائض- وتحميده وهو إثبات ما يليق به من المحامد له لعظم ما أنعم سبحانه به عليك صلوات الله وسلامه عليك.
(وَاسْتَغْفِرْهُ) أي: واطلب منه أن يغفر لك ولأُمتك، روي في مسند أحمد وصحيح مسلم عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يكثر في آخر أمره من قوله: سبحان الله وبحمده، أَستغفر الله وأتوب إليه، ويجوز أن يراد بالتسبيح: التعجب، أي: فتعجب لتيسير الله تعالى لما لم يخطر ببالك وبال أحد من أن يغلب أحدٌ على أهل الحرام، واحمده على ذلك، وقيل: المراد بالتسبيح الصلاة، لاشتماله عليها، ونقل ابن الجوزى ذلك عن ابن عباس، وقد روي أنه ﷺ لما دخل مكة صلى في بيت أُم هانئ ثمانى ركعات، وهي سُنَّة واستغفاره ﷺ لأنه كان دائمًا في التَّرقي إذا ترقى إلى مرتبة استغفر لما قبلها.
قال الآلوسي: وأَنت تعلم أن كل أَحد مقصر على القيام بحقوق الله تعالى كما ينبغي، وعن أَدائها على الوجه اللائق بجلاله، وإنما يؤديها على ما يعرف، والعارف يعرف أن قدر الله ﷿ أعلى وأجل من ذلك، فهو يستحي من عمله، ويرى أنه مقصر، وكلما كان الشخص بالله تعالى أَعرف كان له ﷾ أَخوف، وبرؤية تقصيره أبصر، فيمكن أن يكون استغفاره ﵊ لما يعرف من عظيم قدر الله وعظمته، فيرى أن عبادته وإن كانت أجل من عبادة جميع العابدين فهي دون ما يليق بهذا الجلال