٥٠ - ﴿وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ … ﴾ الآية.
أي: جئتكم بآية من ربكم، ومصدقا لما تقدمني من التوراة النازلة على موسى: مؤمنا بما جاءَ فيها، وأنها نازلة من عند الله تعالى. وجئتكم لأُحل لكم بعض الذي حُرِّم عليكم.
واختلف العلماءُ في المراد من قوله: (وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ):
فمنهم من قال: المراد منه: أن عيسى ﵇، أَحَلَّ لهم بعض ما حرم الله عليهم في التوراة، تخفيفا عليهم.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع أنه قال: "كان الذي جاء به عيسى ألْيَسَ مما جاء به موسى ﵇".
ومنهم من قال: المراد منه: أنه أحل لهم بعض ما كانوا يتنازعون فيه فأخطأوا، فكشف لهم من ذلك ما كان مغطى .. لقوله تعالى: "وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ" (١).
(وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ):
وَحَّدَ الآية - مع أنها من آيات عديدة - لأنها جنس واحد في الدلالة على رسالته. وقد جاءت هذه الجملة في آخر كلامه - مع أنها جاءَت في أوله - لتكون كنتيجة لِسَرْد هذه المعجزات التي تقدمت؛ وليرتب عليها قوله لهم:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ):
وكأنه يقول لهم: وإذا كنت قد جئتكم بهذه الآيات والمعجزات، فاتقوا الله وخافوه، وأطيعون فيما آمركم به عنه ﷾. فإن ذلك يجب عليكم، عند ظهور الحق فيما أدعوكم إليه.
٥١ - ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾:
بعد أن أمرهم بتقوى الله وطاعته، علل ذلك بقوله: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ):
يعني ومن كان كذلك، وجب أن يُتَّقَى ويُطَاعَ رسولُه فيما كلفهم به من تكاليفه تعالى.
ورتب على ذلك: ما هو تفسير للتقوى والطاعة، وما هو فرع وأثر لربوبيته تعالى، فقال: (فَاعْبُدُوهُ):
أي: اجعلوا عبادتكم له وحده، لأنه ربكم دون سواه.
(١) الزخرف: ٦٣.