يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا. فإنكم عندنا رضا. فأمر أبا عبيدة أن يخرج معهم، ويقضي بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه - أفاده القرطبي.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل، عن الضحاك وابن عباس: أن النبي ﷺ صالحهم على الجزية، ومقدارها ألف حلة في صَفَر، ومثلها في رجب، ودَرَاهم. وذلك بعد أن أشار عليهم يهود المدينة بالصلح وعدم الملاعنة وقالوا لهم: هو النبي الذي نجده في التوراة.
قد يقول قائل: إن الجزية فرضت بعد فتح مكة. ووفد نجران جاء قبلها. فكيف يقال: إن الرسول صالحهم على الجزية؟ والجواب: أن ذلك من باب المصالحة على ترك المباهلة. وجاء فرض الجزية - بعد ذلك - على وفق ما صنعه رسول الله.
وقد أُجيب بأجوبة أخرى، فارجع إليها - إن شئت - في تفسير ابن كثير.
وروى البخاري ومسلم وغيرهما عن حذيفة قال: جاء العاقب والسيد: صاحبا نجران، إلى رسول الله ﷺ يريدان أن يلاعناه (١). قال: فقال: أحدهما لصاحبه: لا تفعل. فو الله، إن كان نبيا فلاعناه، لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إن نعطيك ما سأَلْتنا وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلا أمينا، فقال:"لأبعثن معكم رجلا أمينا حَقَّ أمينٍ. فاستَشْرَفَ أصحاب رسول الله ﷺ، فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح. فلما قام، قال رسول الله ﷺ: "هذا أمين هذه الأُمة".
المعنى: إن هذا الذي قصصناه عليك - يا محمد - في شأن عيسى، لهو القصص المطابق للواقع: الذي لا يصح العدول عنه إلى ما عليه النصارى في شأنه: من أنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة.
(وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ): فلا شريك له في ملكه، بأي وجه من الوجوه. ولا معبود بحق سواه.
(وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ): أي الغالب الذي يَقْهَرُ ولا يُقْهَرُ. أو العزيز بمعنى: من لا نظير له.